شارك د. جمال الكيلاني، عميد كلية الشريعة في جامعة النجاح في ندوة نظمتها مجلة ميدل ايست بزنس/الشرق الاوسط للاعمال بعنوان:”الفتوى والاقتصاد، الى اين؟” بالشراكة مع معهد”ماس” وسلطة النقد، ومؤسسة أرفاق، والبنك الاسلامي العربي ومصرف الصفا


اوصى مصرفيون وخبراء ماليون وباحثون بالاسراع في إنشاء الهيئة “العليا” للرقابة الشرعية المستقلة تحت مظلة سلطة النقد الفلسطينية للاشراف على صناعة التمويل الإسلامي ، مع ضرورة الاعتماد على الفتوى الرسمية، وتفعيل دور الرقابة العليا الشرعية، وضرورة تعاون البنوك الاسلامية مع الهيئة العليا للرقابة الشرعية على توعية الجمهور بالعمل المصرفي الاسلامي، وانشاء منصة موحدة بالتداول مع الموردين للتقليل في تكلفة المنتجات واهمية تنويعها وتطوير استخدام تكنولوجيا الخدمات المالية.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها أمس مجلة ميدل ايست بزنس/الشرق الاوسط للاعمال بعنوان:”الفتوى والاقتصاد، الى اين؟” بالشراكة مع معهد”ماس” وسلطة النقد، ومؤسسة أرفاق، والبنك الاسلامي العربي ومصرف الصفا، وأدارت الجلسة رئيس تحرير مجلة ميدل ايست بزنس د. أمل ضراغمة المصري، وتحدث فيها مدير عام شركة أرفاق الاردنية د. خولة النوباني، والقائم باعمال مدير دائرة الرقابة والتفتيش في سلطة النقد اياد نصار، عضو مجلس الافتاء الأعلى الفلسطيني د. جمال الكيلاني، عميد كلية الشريعة في جامعة النجاح، نائب المدير العام للبنك الاسلامي العربي غسان جبر، والمراقب الشرعي في مصرف الصفا محمود عبد الحافظ، ومنسق البحوث في معهد “ماس” د. رجا الخالدي، وذلك في قاعة معهد ابحاث السياسات الاقتصادية “ماس” برام الله. بحضور ممثلين عن البنوك والمصارف والمؤسسات الاقتصادية والشركات وأصحاب رؤوس الاموال والمستثمرين وأصحاب الاعمال وهيئة سوق رأس المال.

حيث دعت د. النوباني، الى الاسراع في انشاء الهيئة الشرعية المركزية خاصة وان فلسطين تسير بخطوات متسارعة في صناعة المال الاسلامي، وقالت:”الاصرار على طرح الهيئة الشرعية المركزية له مبرراته حيث لا يحتمل ان يكون مشهد الفتاوى يحمل اكثر من رأي شرعي لمنتج واحد، والذي لا يحتمل ان يكون هناك عدة فتاوى. وبحاجة النظر للمسألة بابعاد استراتيجية، وانظر للمسألة باعتبارها قضية واحدة لها اكثر من حكم وليس لديها استئناف الذي هو يجب ان يكون من اختصاص الهيئة الشرعية المركزية التي يفترض ان تكون مستقلة ولكن تحت مظلة البنك المركزي لايجاد ترجيح مناسب لمثل هذه الاختلافات”.

وشددت د. النوباني، على انشاء هيئة فتوى مركزية، وتحدثت عن المشهد الدولي في الرقابة الشرعية، وافضل الممارسات في صناعة التمويل الاسلامي. وقالت:” الفتوى والمعاملات المالية الاسلامية المعاصرة اخذت منحى مهم جدا عبر القوانين والمعاملات وفق الهيئات الشرعية بمختلف انواعها”.

واعتبرت النوباني، نفسها ممن ينظرون الى المشهد بنظرة دولية اكثر بعدا من الواقع الموجود حاليا المتسارع، في حين قالت:”ولكن ما زلنا نمشي بهذا الاتجاه بخطوات بطيئة”.

من جهته قال نصار:”ان مجلس إدارة سلطة النقد الفلسطينية أصدر قرارا بانشاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية ونحن الان في طور اعلان تشكيلتها النهائية قبل شهر رمضان”. مشددا على اهمية انشاء الهيئة تحت مظلة سلطة النقد وهي هيئة مستقلة غير متفرغة ، واعتبرها متطلب قانوني حسب قانون المصارف، الى جانب هيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية.

وقال:”ان سلطة النقد عملت على وجود هيئة رقابة شرعية في كل مصرف إسلامي لبيان الحكم الشرعي ومدى تطابق معاملاته مع احكام الشريعة الاسلامية، حيث عملنا على حوكمة هذه الهيئات والتي لعبت دورا كبيرا في ضبط اعمال المصارف الاسلامية”.

وأكد نصار، سعي سلطة النقد من خلال انشاء وتفعيل عمل الهيئة العليا للرقابة الشرعية على توحيد الأسس والأحكام الشرعية المتعلقة بصيغ المعاملات المصرفية والمالية وأدوات التمويل الإسلامية ، والعمل على مراجعة صيغ العقود الشرعية اللازمة لتنفيذها وتحديد إجراءاتها. وابداء الرأي الشرعي في مدى توافق المنتجات والخدمات المالية والمصرفية الاسلامية الجديدة التي ترغب المصارف ومؤسسات الاقراض المتخصصة بطرحها مع احكام الشريعة الاسلامية.

مشددا على ان الهيئة العليا للرقابة الشرعية ستعمل كمستشار شرعي لسلطة النقد فيما يخص الأعمال المصرفية الاسلامية التي تنفذها سلطة النقد، والمساعدة في تنظيم عمل ورقابة المصارف ومؤسسات الإقراض المتخصصة في مجال العمل المصرفي الإسلامي.

 

بينما تحدث د. الكيلاني، عن تعدد المدارس الفقهية والخلافات والنزاعات في الكثير من المسائل وبخاصة في فقه المعاملات، والنظام البنكي الاسلامي والمعايير الشرعية. وقال:”لا بد من ايجاد هيئة مركزية شرعية على مستوى البنوك للاشراف على التعاملات الشرعية في المصارف حتى يتم توحيد الفقه في اي معاملة مالية، والا ان يكون البديل طريق خاص لكل مصرف في التعامل مع اي قضية مالية او مصرفية وفقا لما يراه مناسبا”.

واضاف:”نحن في هيئة الافتاء الاعلى فانها هيئة مستقلة وهي عبارة عن مجلس افتاء فلسطيني مستقل يأخذ باحكام مستقلة، ولا مانع من مشاركة سلطة البنك والمصارف في قضية مالية مصرفية، وتعدد الاراء والفتاوي بشأن عملة البتكوين الافتراضية الرقمية كمثال، والتي تعتبر قضية فقهية ونزاع فقهي كبير”.

 

في حين قال جبر:” الصناعة المصرفية الاسلامية في فلسطين في بداياتها، ويجب ان تكون العلاقة بين الادارة التنفيذية وهيئة الفتوى مبنية على اساس المصلحة المشتركة ونشر الوعي في الصناعة المصرفية في السوقين الفلسطيني والعالمي بما يلبي احتياجات المواطنين، والدرء عن الناس حرمة التعامل بالربا والمعاملات المالية والمصرفية المشبوهة باعتبارها مسؤولية وطنية ودينية واخلاقية”.

واشار جبر، الى التضارب والاختلاف في الرأي بين هيئات الفتوى، وقال:”لانها الصناعة المالية والمصرفية الاسلامية حديثة فان الناس يطمئنون للعمل اكثر بالبنوك التقليدية من البنوك الاسلامية بحكم العادة، وبالتالي الاختلاف في الفتاوي يدفع الناس لعدم الاطمئنان بالصرافة الاسلامية ما يلقي علينا مسؤولية اكبر بحيث نتفق على الاقل حول منتج واحد”.

وفي موضوع التحليل والتحريم، قال جبر:” ان تحريم الحلال لا يقل حرمة عن تحليل الحرام، ولكن مسؤولية الادارة التنفيذية او دار الفتوى فانهم يمثلون اصحاب المال باعتبارهم مؤتمنين على اموالهم بالطريقة الصحيحة وتحقيق الحد الاقصى من الايراد لهذا المال بالحلال عبر الدخول للتفاصيل والبحث عن حلول مع صناع العمل المصرفي ذوي الخبرات في تسوية القضايا الخلافية بين الحلال والحرام في المعاملات المصرفية”.

وحث جبر، هيئات الفتوى للبحث على طرق وطرح منتجات جديدة لتلبية احتياجات المواطنين المودعين في البنوك والمتعاملين معها.

بدوره قال عبد الحافظ من مصرف الصفا:”تمثل المصارف الإسلامية عصب المالية الاسلامية في وقتنا المعاصر والذي يبنى عليه استقرار وديمومة هذه الصناعة وقدرتها على المنافسة والتجديد والابتكار، والبنوك الاسلامية تنافس مؤسسات مالية تقليدية تجذرت في اوساط البشر الذين باتوا يعتمدون عليها، الى درجة ترسيخ قاعدة لا اقتصاد من غير بنوك، ولكن لا بنوك من غير ربا”.

واضاف: “في حين بادرة مجموعة من اصحاب الاموال بالمبادرة في تقديم تصور مالي يقي الناس من آفة الربا اللاحقة بهم، رافق ذلك عدم توفر هيئة رقابة موحدة لضبط التفاصيل الشرعية بين الفقهاء وهيئات الرقابة الشرعية، ما ظهر ما يعرف بالاختلاف في الرؤى والفتاوى على صعيد المنتج الواحد، منها ما يحرم ومنها ما يجيز التعامله به”.

أما ضراغمة/ المصري التي ادارت الندوة فقالت:”الرأي الشرعي في المعاملات المالية الاسلامية مهم على مستويات المؤسسة والصناعة المالية الاسلامية ليس فقط من حيث تمييزها عن غيرها من المؤسسات التقليدية، ولكن ايضا من حيث احترام عملها ومصداقية التزامها بالاسم والتوجه الذي تحمله ونتيجة لحرصها على العلاقة الفارقة في عملها ومشهدها امام الزبون، خاصة واننا امام مفترقات في عمل الصناعة المالية الاسلامية المحتكمة للفتاوى في كل تفاصيل اعمالها”.

واشارت ضراغمة/المصري، الى ان فكرة الندوة جاءت بعد نقاشات حول العملة الرقمية”البتكوين” والتساؤلات التي اثيرت حولها المتعلقة باسباب تحريم البتكوين، وقالت:”لبحث اكثر وبتعمق موضوعة الفتوى والاقتصاد، والتي كان التحريم لها مدلولات شرعية ومقتضيات دينية، ومن هنا قامت دائرة الافتاء الفلسطينية بتحريم عملة البتكوين الرقمية، وتبعها العديد من الفتوي العربية والاسلامية التي حذرت ومنها حرمت وبعضها منعت التداول بالعملة الافتراضية الرقمية، في حين حذرت بشدة سلطة النقد من التعامل بهذه العملة”.

ويجدر بالذكر أن مجلة ميدل ايست بزنس الشرق للأعمال تـاسست عام 2013 وهي أول مجلة تصدر من فلسطين الى الشرق الأوسط، وتوزع في العديد من الدول حول العالم، وهي شريك اعلامي لأكثر من اربعين مؤتمراً حول العالم. وهي عضو في الاتحاد الدولي للاعلام والمجلات في لندن، وبرس ريدر، وتصدر بنسختيها العربية والانجليزية في مجلة مطبوعة وعلى صفحتها الالكترونية وبمحتوى مختلف لكل منها.

 


عدد القراءات: 159